معركة الرئيس ميشال عون الرئاسية أخذت في مكان ما «طابعا ثأريا».

كانت معركة العودة الى قصر بعبدا الذي أخرج منه عنوة وبالقوة قبل 25 سنة تقريبا.

معركة الرئيس سعد الحريري الحكومية تكتسب أيضا مثل هذا الطابع الانتقامي.

كانت معركة العودة الى السرايا الحكومية التي أخرج منها فجأة وبقرار من حزب الله قبل 5 سنوات تقريبا.

ولذلك جاءت ردة فعل العونيين والحريريين متشابهة من حيث طابعها الاحتفالي والنزول الى الشارع والاحتفاء بـ «عودة الحق الى أصحابه».

انتخاب الرئيس ميشال عون كانت لحظة خروج جمهوره وتياره من حالة إحباط وقهر مزمنة لم يكن انتهاؤها وإخمادها ممكنا إلا بعودة عون الى قصر بعبدا.

ولحظة تكليف الرئيس سعد الحريري برئاسة الحكومة وتشكيلها كانت أيضا لحظة خروج جمهوره وتياره من حالة «اكتئاب وتقهقر» لازمتهم منذ خروجه من السرايا ومن لبنان ليبدأ مسلسل النكسات والأزمات السياسية والشعبية والمالية.

عون والحريري عادا معا إلى الحكم وكل واحد احتاج للآخر: لم تكن عودة عون الى قصر بعبدا ممكنة لولا الحريري وأصوات كتلته.

ولم تكن عودة الحريري الى رئاسة الحكومة ممكنة لولا عون الذي كان انتخابه ثمنا وشرطا، والذي لقي تجاوبا ودعما من حزب الله الى حد استعداد الحزب لتقديم «هذه التضحية الكبيرة» بقبول عودة الحريري الى رئاسة الحكومة.

وكل الدلائل تشير الى أن عون ـ الحريري سيشكلان ثنائيا منسجما ومتعاونا في الحكم، وسيواجهان تحديات وأزمات العهد الجديد بالتكافل والتضامن بدءا من تشكيل الحكومة الجديدة، ذلك أن أي تأخير وتعثر في هذا المجال لا يصيب فقط الرئيس المكلف وإنما يطول أيضا رئيس الجمهورية المعني بانطلاقة قوية للعهد، إذ ليس المهم أن يعود الى قصر بعبدا وينتهي الأمر عند هذا الحد، وإنما المهم والأهم أن ينجح ويكون قادرا على أن يحكم.

«السرعة في تأليف الحكومة»، هذا ما يلتقي عنده عون والحريري، وهذا ما سمعه الرجلان في كل اتصالات التهنئة من مسؤولين دوليين أبدوا ارتياحهم الى انتخاب رئيس للبنان ولكنهم أرفقوا ارتياحهم بالتشديد على أمرين: تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن، وإجراء انتخابات نيابية في موعدها.

وهذا ما عبر عنه العماد ميشال عون، قبل أن ينتخب رئيسا، في لقائه مع السيد حسن نصرالله مبديا قلقه من مواقف الرئيس بري وحركته الاعتراضية وطالبا المساعدة في تذليل العقبات.

والاعتقاد السائد الآن أن الحكومة ستتشكل سريعا وستنجز خلال أسبوعين قبل عيد الاستقلال أو خلال شهرين وقبل نهاية العام إذا برزت عقد وعقبات، وحيث يكمن الشيطان في التفاصيل.

وهذا التأليف السريع بخلاف ما جرى مع حكومات ما بعد العام 2008، سيكون العلامة الأولى الى عهد مختلف والى مرحلة جديدة في لبنان تحت رعاية وإدارة حزب الله.

وهناك عاملان مباشران يدفعان باتجاه «حكومة سريعة»: الزخم الكبير الذي ينطلق به العهد الجديد في ظل معادلة «الرؤساء الأقوياء» والعمر القصير لهذه الحكومة التي من مهامها الأساسية التحضير لإجراء الانتخابات النيابية بعد 6 أشهر وعلى أساس قانون جديد.

حكومة العهد الأولى «حكومية انتقالية».

وحكومة العهد الثانية بعد الانتخابات هي الحكومة الفعلية المنبثقة عن أحجام وموازين قوى سياسية جديدة.

«التفاؤل» يطغى على الأجواء الى حد انحسار التقديرات والسيناريوهات المتشائمة التي كانت بنيت على «معارضة بري» وتوقعت «أزمة تأليف» وأزمة حكومية طويلة بعد أزمة رئاسية مديدة، واستمرار حكومة تصريف الأعمال حتى موعد الانتخابات النيابية وربما اعتذار الحريري عن التأليف إذا حوصر بشروط ومطالب لا يمكن أن يتحملها.

هذه التقديرات انحسرت وأخلت الساحة لتفاؤل يظل حذرا في ظل ترويكا الحكم الجديدة وعلاقة ملتبسة بين الرئيسين عون وبري.

عون الذي يحد من دور بري، في حال لعب دور الجسر بين الحريري وحزب الله.

وبري الذي يحد من دور عون ويحاصره عبر الحكومة في حال نجح في اجتذاب الحريري وتقصير شهر العسل بين رئيسي الحكومة والجمهورية.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024